يُعرَّف الاكتئاب بأنه
حالة نفسية وانفعالية تؤدي إلى مشاعر عميقة من الحزن، وفقدان المتعة في الحياة،
وانسحاب الفرد من الأنشطة الاجتماعية، بالإضافة إلى فقدان الأمل والشعور بالذنب.
هذه الحالة تُعتبر أكثر من مجرد حالة حزن عابرة، فهي تتسم بالاستمرارية والشدة
التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يُعد
الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً، ويتميز بالحزن العميق، وانخفاض
تقدير الذات، وتغيرات في الشهية والنوم، فضلاً عن الإرهاق المستمر وضعف التركيز.
فئات وأعراض
الاكتئاب
تتنوع أعراض الاكتئاب
لتشمل جوانب انفعالية، معرفية، جسدية، وسلوكية، مما يجعل تأثيره شاملاً على حياة
الفرد.
1. الأعراض المزاجية أو الانفعالية:
تعد الأعراض المزاجية
الأكثر وضوحاً في حالة الاكتئاب، حيث يشعر الفرد بمزاج مكتئب وحزين معظم الوقت.
يفقد الشخص القدرة على الشعور بالسعادة أو الرضا، وتسيطر عليه مشاعر سلبية تجاه
نفسه. من العلامات البارزة في هذه الفئة أيضًا فقدان التعلق العاطفي وكثرة البكاء،
بالإضافة إلى ضعف الإرادة وانعدام القدرة على الاستمتاع بالأنشطة التي كان يمارسها
في السابق.
2. الأعراض المعرفية:
تشمل الأعراض المعرفية
انخفاض تقدير الذات وزيادة التوقعات السلبية نحو المستقبل. كما يعاني الشخص
المكتئب من كثرة نقد الذات ولومها، والشعور بالتردد وعدم القدرة على اتخاذ
القرارات. في بعض الأحيان، قد يعاني الفرد من تشوهات في صورة الجسد وتضخيم
المشكلات التي يواجهها، وهو ما يصاحبه بطء في التفكير وصعوبات في الذاكرة والتركيز
والانتباه.
3. الأعراض الجسدية:
تظهر تأثيرات الاكتئاب
على الجسم من خلال اضطرابات في النوم (مثل الأرق أو النوم الزائد)، وفقدان أو
زيادة الشهية، وانخفاض الطاقة الجنسية، والشعور بالإرهاق السريع. هذه الأعراض
الجسدية تجعل الشخص يشعر بآلام وأوجاع غير مبررة، وقد يصاحبها تغيرات في الوزن.
4. الأعراض السلوكية:
تتمثل الأعراض السلوكية
في تباطؤ الحركات والنشاطات اليومية، والانسحاب الاجتماعي، والاعتمادية على
الآخرين. في الحالات الأكثر شدة، قد يفكر الفرد المكتئب في الانتحار أو حتى يحاول
تنفيذه. يصبح الفرد غير قادر على المشاركة في الأنشطة التي كان يستمتع بها سابقاً،
ويجد صعوبة في التعامل مع المسؤوليات اليومية.
علامات
الاكتئاب على عدة مستويات:
الاكتئاب يؤثر على
مستويات عدة في حياة الفرد:
- المشاعر: الحزن الشديد، واليأس، والإحباط.
- الأفكار: التفسيرات السلبية، أفكار الموت أو الانتحار، صعوبة
اتخاذ القرارات، النقد الذاتي المتزايد.
- السلوك: الانسحاب الاجتماعي، عدم القدرة على الاستمتاع،
البكاء المتكرر أو عدم القدرة على البكاء، تباطؤ في النشاطات اليومية.
- الجسد: تغيرات في الشهية، فقدان الوزن أو زيادته، الأوجاع
والآلام، اضطرابات النوم، الشعور بالتعب.
الفرق بين
الحزن والاكتئاب
من الشائع أن يخلط الناس
بين الحزن والاكتئاب، فقد يشعر الشخص بالحزن الشديد بعد التعرض لخسارة، مثل وفاة
شخص عزيز أو فقدان وظيفة. في مثل هذه الحالات، قد يعتقد البعض أنهم يعانون من
الاكتئاب، لكن في الحقيقة هناك فرق كبير بين الاثنين.
الحزن:
هو رد فعل طبيعي تجاه
تجربة مؤلمة أو خسارة شخصية. على الرغم من أن الشخص قد يشعر بالحزن لفترة طويلة،
إلا أن هذا الشعور لا يعطل حياته اليومية بشكل كبير. كما أن الشخص يحتفظ بالأمل في
المستقبل، ويستمر في تقدير ذاته وثقته بنفسه. بمرور الوقت، يتلاشى الحزن تدريجيًا،
ويسمح للشخص بالعودة إلى حياته الطبيعية.
الاكتئاب:
على العكس من الحزن، هو
حالة مرضية تؤثر على جميع جوانب حياة الفرد. يستمر الاكتئاب لفترات طويلة، وقد
يعيق قدرة الفرد على الاستمتاع بالحياة أو التفكير في المستقبل بإيجابية. كما أن
الشعور بالدونية والذنب هو أمر شائع لدى الشخص المكتئب، ويؤدي إلى تفاقم مشاكله
النفسية. في كثير من الأحيان، لا يستطيع الفرد التعامل مع الحياة اليومية بشكل
طبيعي، حيث يصبح عاجزًا عن العمل أو الحفاظ على علاقاته الاجتماعية.
أهمية
التفريق بين الحزن والاكتئاب
من الضروري التفريق بين
الحزن والاكتئاب لأن ذلك يساعد على تحديد العلاج المناسب لكل حالة. الحزن يُعتبر
جزءًا طبيعيًا من تجربة الحياة، ويمكن تجاوزه بمرور الوقت وبدعم الأصدقاء
والعائلة. في المقابل، يتطلب الاكتئاب تدخلاً علاجياً متخصصاً، يشمل العلاج النفسي
أو الدوائي أو كليهما، بهدف تحسين الحالة النفسية للفرد ومنع تفاقم الأعراض.
في النهاية
الاكتئاب هو اضطراب نفسي
جاد يتطلب التعامل معه بحذر وفهم. فهو يؤثر على الحالة المزاجية والمعرفية
والجسدية والسلوكية للفرد، مما يجعل من الصعب عليه مواصلة حياته اليومية بشكل
طبيعي. على الرغم من أن الحزن قد يبدو مشابهاً للاكتئاب في بعض الأحيان، إلا أن
الاكتئاب هو حالة أعمق وأكثر تعقيدًا تستدعي التدخل العلاجي. من خلال التفريق بين
الحالتين، يمكن للأفراد الحصول على الدعم المناسب وتجنب التبعات السلبية للاكتئاب،
سواء من خلال العلاج النفسي أو الدعم الاجتماعي.
0 تعليقات