كيف تبني مهارات الحياة لديك

هل تساءلت يومًا لماذا يتمتع البعض بقدرة على التكيف والنجاح أكثر من غيرهم؟ السبب ليس فقط "الذكاء"؛ فهناك عامل آخر مهم وهو "مهارات الحياة" التي تشمل مجموعة من القدرات النفسية والاجتماعية والسلوكية التي تساعدنا في التغلب على التحديات والعيش بسلاسة. سنتعرّف معا من خلال هذا المقال على هذه المهارات الحيوية، ونصائح لبنائها.

ما هي مهارات الحياة؟

مهارات الحياة هي القدرات التي تمكننا من التعامل بفعالية مع الحياة اليومية، وتسمى أحيانًا بـ"المهارات النفسية الاجتماعية"؛ لأنها تعتمد على كيفية تفكيرنا وتصرفاتنا في المواقف المختلفة. وتشمل مهارات التفكير مثل إيجاد حلول إبداعية، والمهارات الاجتماعية كالتواصل الفعّال، والمهارات العاطفية مثل تقبل الذات وإدارة المشاعر.

على سبيل المثال، عندما يواجه شخص موقفًا صعبًا في العمل، فإن امتلاك مهارة التفكير النقدي يساعده في تحليل المشكلة وتطوير حلول متعددة بدلًا من الشعور بالإحباط. أما مهارات التواصل فتساعده في التعبير عن احتياجاته بوضوح مع زملائه، مما يسهم في تعزيز التعاون وحل المشكلات.

لماذا تعتبر مهارات الحياة ضرورية؟

تشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يطورون مهارات حياتية يتمتعون بقدرة أكبر على تجنب المشكلات السلوكية، مثل تعاطي المخدرات أو التصرف بعنف. بجانب ذلك، تساعدنا هذه المهارات على الشعور بالرضا والراحة، فتخيل أنك تعرف كيف تدير مشاعرك وتكوين علاقات جيدة؛ بالتأكيد ستكون أكثر سعادة وصحة.

أمثلة على مهارات الحياة الأساسية

توصي منظمات كبرى مثل اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية ببعض المهارات الأساسية التي تساعد على نجاح الفرد ورفاهيته، ومنها:

الوعي الذاتي ويعني أن تعرف نفسك، نقاط قوتك وضعفك، وأفكارك ومشاعرك.

التفكير النقدي والإبداعي وهوالقدرة على النظر للمواقف من زوايا متعددة وتوليد أفكار جديدة.

حل المشكلات وصناعة القرارومعناها اتخاذ قرارات مستنيرة والتعامل مع المواقف الصعبة بفعالية.

التعاطف وهو عبارة عن فهم مشاعر الآخرين وإبداء التعاطف معهم.

التعامل مع التوتر والمشاعروهوالقدرة على تهدئة النفس وإدارة الانفعالات في المواقف الصعبة.

تخيل مثلاً، أنك تواجه موقفًا صعبًا في المدرسة أو العمل، إذا كنت تمتلك مهارة حل المشكلات، ستتمكن من تقسيم المشكلة إلى أجزاء أصغر ومعالجتها، مما يساعدك على التخلص من التوتر والسيطرة على الوضع.

إليك بعض النصائح لبناء مهارات الحياة

لن تصبح محترفًا في مهارات الحياة بمجرد القراءة عنها، بل تحتاج إلى تطبيقات عملية وممارسة فعلية لتقوية هذه المهارات، وإليك بعض الأنشطة التي قد تساعدك:

1.   التفكر في المحبة واللطف
جرّب نوعًا من التفكر حيث تتخيل أنك ترسل مشاعر المحبة لنفسك والآخرين. هذا التمرين يساعدك على تطوير مهارات التعاطف والحب وتكوين علاقات متينة. على سبيل المثال، بعد يوم مرهق، خصص بضع دقائق للتفكر، وأرسل مشاعر اللطف لكل شخص واجهته، حتى لنفسك، وستشعر بالراحة والسلام الداخلي.

2.   كتابة مذكرات الامتنان
تدوين الأشياء التي تشعر بالامتنان تجاهها يمكن أن يعزز من قدرتك على التعامل مع المشاعر. فعندما تكتب عن الأمور التي تقدرها، مثل العائلة، الأصدقاء، أو حتى فنجان قهوة صباحي، يبدأ دماغك في التركيز على الإيجابيات ويصبح أكثر ميلًا لرؤية الجوانب الجيدة في الحياة. مع الوقت، تجد أن الامتنان يصبح شعورًا طبيعيًا لديك حتى في الأوقات الصعبة.

3.   استخدام التأكيدات الإيجابية
التأكيدات هي عبارات إيجابية تقولها عن نفسك بصوت عالٍ، مثل "أنا قادر على التغلب على التحديات" أو "أنا أستحق الحب والتقدير." هذا التمرين يعزز ثقتك بنفسك ويساعدك على الشعور بقيمة الذات. مثلًا، إذا كنت تستعد لمقابلة عمل، جرّب قول تأكيداتك الإيجابية صباحًا، مما سيمنحك دفعة من الثقة ويقلل من شعورك بالقلق.

كيف تبدأ ببناء مهارات الحياة؟

بناء مهارات الحياة قد يبدو مهمة ضخمة، لكن لا تقلق، يمكنك البدء بخطوات بسيطة وممتعة. اختر مهارة واحدة، مثل التفكير الإبداعي، وجرب استخدامها في حل المشكلات اليومية، مثل ابتكار طرق جديدة لتنظيم وقتك أو أداء مهامك بطرق غير تقليدية. بعد أن تشعر بالراحة، انتقل إلى مهارات أخرى، ومع الممارسة، ستجد أنك أصبحت أفضل في التعامل مع متطلبات الحياة وتحدياتها.

في النهاية مهارات الحياة تمنحك الأدوات اللازمة لمواجهة تحديات الحياة بفعالية ومرونة. من خلال التركيز على تطوير مهارات مثل التفكير الإبداعي، إدارة العواطف، والتعاطف، يمكنك تعزيز صحتك ورفاهيتك. تذكر أن كل مهارة تتعلمها تجعل الحياة أسهل وأكثر متعة، وتساعدك في العيش بثقة وراحة أكبر.