يعاني بعض الأشخاص من احتياج دائم للرعاية والدعم من الآخرين، مما يجعلهم يجدون صعوبة في اتخاذ القرارات أو حتى القيام بأبسط الأمور اليومية بمفردهم. هؤلاء الأفراد قد يكونون مصابين باضطراب الشخصية الاعتمادية، وهو اضطراب يجعل الشخص يعتمد بشكل مفرط على الآخرين لتلبية احتياجاته العاطفية والجسدية.
ما هو
اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
اضطراب الشخصية
الاعتمادية هو حالة نفسية تتميز بحاجة مفرطة إلى الرعاية، مما يؤدي إلى سلوك خاضع
ومتشبث، بالإضافة إلى خوف مستمر من الانفصال عن الأشخاص الذين يعتمد عليهم الشخص.
يبدأ هذا الاضطراب عادةً في مرحلة البلوغ المبكر ويؤثر على مختلف جوانب الحياة.
أبرز سمات
الشخصية الاعتمادية
الأفراد الذين يعانون من
هذا الاضطراب يظهرون مجموعة من السلوكيات التي تعكس عدم قدرتهم على العمل بشكل
مستقل، ومنها:
صعوبة اتخاذ القرارات اليومية دون الحصول على نصائح وطمأنة مستمرة من الآخرين.
الاعتماد على الآخرين في إدارة حياتهم، مثل ترك مسؤولية القرارات الكبيرة مثل السكن والعمل
والعلاقات لأحد الوالدين أو الشريك.
الخوف من الاختلاف مع الآخرين خوفًا من فقدان دعمهم أو موافقتهم.
عدم القدرة على بدء المشاريع أو العمل بشكل مستقل بسبب ضعف الثقة بالنفس.
السعي للحصول على الدعم بأي طريقة، حتى لو كان ذلك يعني القيام بأعمال غير مريحة.
الشعور بالعجز عند البقاء وحيدًا، بسبب الخوف من عدم القدرة على العناية بالنفس.
البحث السريع عن بديل عند فقدان علاقة قريبة، حيث يحاولون العثور على شخص آخر يعتمدون عليه فور
انتهاء العلاقة السابقة.
القلق المستمر من فكرة التخلي عنهم، والشعور بالعجز دون وجود شخص آخر يساعدهم.
كيف يتصرف
الشخص الاعتمادي عند انتهاء العلاقة؟
عندما يفقد الشخص المصاب
باضطراب الشخصية الاعتمادية علاقة وثيقة، مثل الانفصال عن شريك الحياة أو وفاة شخص
يعتمد عليه، فإنه يسعى بشكل عاجل لإيجاد بديل يوفر له الدعم والرعاية التي
يحتاجها. وهذا يعكس خوفهم العميق من أن يكونوا وحدهم ويواجهوا الحياة بمفردهم.
لماذا ينجذب
الأشخاص الاعتماديون إلى الشخصيات النرجسية أو الهستيرية؟
يميل الأشخاص الذين
يعانون من اضطراب الشخصية الاعتمادية إلى الارتباط بأشخاص ذوي شخصيات قوية
ومتسلطة، مثل الشخصيات النرجسية أو الهستيرية. في هذه العلاقة، يكون الشخص
الاعتمادي هو من يقدم الدعم والتقدير بينما يتولى الطرف الآخر زمام الأمور. وهذا
النوع من العلاقات يكون غالبًا غير صحي وقد يؤدي إلى استغلال الشخص الاعتمادي.
أسباب
اضطراب الشخصية الاعتمادية
لم يتم تحديد سبب دقيق
لهذا الاضطراب، لكن هناك بعض العوامل التي قد تساهم في تطوره:
اضطراب قلق الانفصال في الطفولة، حيث يعاني الطفل من صعوبة الابتعاد عن والديه.
التعرض لمرض جسدي مزمن في الطفولة، مما يجبر الطفل على الاعتماد على الآخرين لفترة طويلة.
عوامل بيئية وتربوية، مثل تربية صارمة أو مفرطة الحماية تمنع الطفل من
اكتساب الاستقلالية.
ما مدى
انتشار اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
يعتبر اضطراب الشخصية الاعتمادية
نادرًا نسبيًا، حيث يؤثر على أقل من 1% من عامة السكان. كما تشير الدراسات إلى أن
النساء أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب مقارنةً بالرجال.
العلاقة بين
اضطراب الشخصية الاعتمادية واضطرابات الشخصية الأخرى
ينتمي اضطراب الشخصية
الاعتمادية إلى اضطرابات الشخصية من المجموعة C ، والتي
تتسم جميعها بالقلق والخوف. وتشمل هذه المجموعة أيضًا:
اضطراب الشخصية التجنبية، حيث يتجنب الشخص المواقف الاجتماعية خوفًا من الرفض أو
الإحراج.
اضطراب الشخصية الوسواسية القهرية، حيث يكون الشخص مهووسًا بالكمال والتنظيم بشكل مبالغ
فيه.
كيف يمكن
علاج اضطراب الشخصية الاعتمادية؟
يمكن علاج اضطراب
الشخصية الاعتمادية من خلال عدة طرق، أهمها العلاج النفسي، حيث يساعد الشخص على
تطوير استقلاليته وتعزيز ثقته بنفسه.
العلاج المعرفي السلوكي (CBT)
يعد العلاج السلوكي
المعرفي أحد أنجح العلاجات لاضطراب الشخصية الاعتمادية، حيث يركز على:
تعديل الأفكار السلبية التي تجعل الشخص يشعر بعدم
الكفاءة.
تعلم مهارات جديدة لاتخاذ القرارات بشكل مستقل.
تطوير آليات لمواجهة الخوف من الوحدة والتخلي.
في بعض الحالات، قد يكون
العلاج طويل الأمد ضروريًا لمساعدة الشخص على بناء شخصية أكثر استقلالية.
الأدوية
قد يتم وصف بعض الأدوية،
مثل مضادات الاكتئاب والمهدئات، لعلاج الأعراض المصاحبة مثل القلق والاكتئاب، لكن
لا تعتبر الأدوية حلًا رئيسيًا لهذا الاضطراب.
نصائح
للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الاعتمادية
إذا كنت تعاني من هذا
الاضطراب، فإليك بعض الخطوات التي قد تساعدك على تحسين حالتك:
ابدأ باتخاذ قرارات صغيرة بنفسك، مثل اختيار ملابسك أو تخطيط يومك.
تعلم قول "لا"، ولا تخشَ التعبير عن رأيك.
ابحث عن دعم صحي، مثل العلاج النفسي، بدلاً من الاعتماد المفرط على
الآخرين.
طور مهاراتك واستقلاليتك، عبر تجربة أشياء جديدة بنفسك.
حدد علاقاتك غير الصحية، وابتعد عن الأشخاص الذين يستغلون ضعفك.
في النهاية اضطراب الشخصية الاعتمادية قد يكون تحديًا كبيرًا، لكنه
ليس صعب العلاج. من خلال الفهم العميق للأسباب والعلاج المناسب، يمكن للشخص
الاعتمادي أن يتحرر من الاعتماد المفرط على الآخرين ويعيش حياة أكثر استقلالية
وثقة بالنفس.
0 تعليقات